25 فبراير 2009

من حفريات الطفولة


… انتصف الليل
أتلمّس المقابض الصدئة
أفتح أبواباً مشوشة
نباحٌ ونعيقٌ وعواء
أمطار تسقط
فوق أسطحٍ من صفيح
عراكٌ ودموع
وخوفٌ يتشبث
بقوائم الكوخ

… انتصف الليل
استيقظ الحزن
جداولُ ملوثة
بقططٍ ميّتة
حقيبة مهترئة
أرجلٌ تنتعل البرد والحصى
ويدٌ غليظةٌ تهوي
على مؤخرة الرقبة

… كانت أمي
حين يغربلها السباب
وتعجنها اللعنة
تتكور تنوراً على التنهدات
ولم تكن سيجارة أبي
ـ في تلك الليلة ـ
تكف عن الاشتعال
تومض لحظة التقائها
بسحبٍ بيضاء
ثم تنطفئ في صدره المحترق

… انتصف الليل
ومصارعة الطلاسم
أمام فتيلة معمدةٍ بالكيروسين
والمشاوير الصباحية الراكضة
اتقاءً لعصاة الزيتون
المحفور على جوانبها
(العصا لمن عصى)
ونقش الأصابع القاسية
على وجوه يصقل حمرتها
برد (بيت ثامر) القارس

… كانت أمي
تحملني كل يومٍ
بإفطاري الصباحي
مغموساً بدعواتها الرطبة
وتتحايل على رفيقي
الأكبر سناً
كي يحمل عني الأسفار
التي لا افقه عنها شيئاً

(بيت ثامر)
قرية الشاعر

(من ديوان عصيان الكلام وأشياء أخرى)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق